كتاب الحجّ

الطواف بالبيت

قال المؤلف رحمه الله (الثالث الطَّوافُ بالبيتِ)
الشرح الرُّكنُ الثالث الطَّواف بالبيت ولا يصح أي إلا بعد انتصاف ليلة النّحر. ومعنى الطواف هنا أن يدورَ الحاج حول الكعبة سبع مرّات وقد جعل البيت أي الكعبة عن يساره مارًّا لجهة الحِجْر بكسر الحاء وسكون الجيم، فإن جعل البيت عن يمينه ومشى أمامه أو مشى القَهْقَرى أي إلى خلف أو جَعَلَ البيت أمامه واستقبلهُ بصدره أو جعله عن يساره ومشى القهقرى لم يصحّ طوافُه.
ومن شروط الطواف أن يبدأ بالحجر الأسود وأن يحاذيه كلَّه أو بعضه في أوّل طوافه، فيجب في الابتداء أن لا يتقدّم جزءٌ منه على جزء من الحَجَـر بفتح الحاء والجيـم ممّا يلي الباب
ومنها النيّة إن لم يكن الطَّوافُ داخلاً في النسك بأن لم يكن بإحرام بل كان بغيرِ إحرامٍ بحج أو عمرة فإنَّه حينئذٍ تجب النيّة فلا يصحّ الطواف بدونها. ومنها أن يكون عدد الطَوْفات سبعًا يقينًا فلو شك في العدد أخذ بالأقلّ كالصلاة.
ومنها أن يكون داخل المسجد ولو على سطحه وأن يكون الطَّواف بالكعبة خارجَها وخارجَ الشاذَروانِ والحِجْرِ بجميع بدنه. والشَّاذروان جزء من أساس الكعبة مرتفع قدر ذراع تقريبًا فهو من الكعبةِ لذلك لا يجوز أن يطوف الإنسان وشىء من بدنه محاذٍ له. ومنها الطهارة عن الحدثين ولا يُشترط المشي بل يصحُّ الطواف لو كان راكبًا فقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم راكبًا البعير وشَرْطُ جواز ذلك أن لا يحصل بسببه تقذيرٌ لأرض المسجد برجل البعير فإن كان في حال يحصل منه تقذيرٌ للمسجد بما على رجل البعير من روث أو غيره حَرُمَ لأنّ تقذير المسجد ولا سيّما المسجد الحرام حرام22.
ومن سنن الطواف استلامُ الحجَر بفتح الجيم وتقبيلُهُ بلا صوتٍ، والأذكارُ المأثورة عنه عليه الصَّلاة والسلام أو عن أحدٍ من الصحابة فإنّها أفضلُ فيه، فمن المأثور «ربَّنا ءاتنا في الدُّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذابَ النار» إذ ثبت أنها أكثر دعوة كان يدعو بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحج وغيره23.
-------------

22- قال الأنصاري في شرح الروض عند بيان سنن الطواف وأن منها المشي فيه إلا لعذر وفيهما أي في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا في حجة الوداع ليظهر فيستفتى فلمن احتيج إلى ظهوره للفتوى أن يتأسى به لكن لو ركب بلا عذر لم يكره لكنه خلاف الأولى نقله في المجموع عن الجمهور وصححه اﻫ
23- قال في البخاري في حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار». ذكره في كتاب الدعوات باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة.