كتاب الحجّ

ما يحرم على من أحرم

قال المؤلف رحمه الله (وحَرُمَ عَلَى مَنْ أَحرمَ طِيبٌ)
الشرح مما يحرم بالإِحرام على من أحرم بحج أو عمرةٍ ثمانية أشياء، وكل هذه من الصغائر إلا الجماعَ المفسدَ للحج وقتلَ الصيد فهما من الكبائر، وإنَّما حرمت هذه الأشياء على المحرم لحِكَمٍ بعضها معلوم لنا وبعضها غير معلوم لنا.
الأول من الثمانية الطيبُ أي يحرم على المحرم بالحج أو العمرة أو إحرامًا مطلقًا التطيُّب في ملبوس أو بدن ولو لأخشم26. وتجب الفدية بالتطيّب في بدنه أو ملبوسه قصدًا بما تقصد منه رائحته غالبًا كالمسك والعود والورد ودهنه والورس27 لا ما يُقصد به الأكلُ أو التداوي وإن كان له رائحة طيِّبة كالتفاح، وحرمةُ ذلك بشرط القصد والاختيار والعلم بالتحريم وهذه الثلاثة شرطٌ في سائر محرمات الإحرام. والتطيّبُ بالورد أن يَشَمَّهُ مع اتصاله بأنفه، والتطيبُ بمائه أن يمسَّهُ كالعادة بأن يصبَّهُ على بدنهِ أو ملبوسه فلا يكفي شمه28، ولا فدية على المتطيّب الناسي للإِحرام والمكره على التطيّب والجاهل بالتحريم. أَمَّا قبل الإِحرام فقد مرَّ ذكرُ سُنيّةِ التطيبِ للإحرام وذلك لقول عائشة رضي الله عنها «كنت أطيّبُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه ولِحِلِّهِ» وهذا للنسك.
تنبيه. التطيّب للمرأة عند الخروج من البيت مكروه تنـزيهًا وليس بحرام إلا أن قصدت التعرُّض للرِّجال فيحرم وقد ورد في ذلك حديث صحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم «أيّما امرأةٍ خرجت من بيتها متعطِّرةً فمرَّت بقومٍ ليجدوا ريحها فهي زانية» رواه ابن حبان29 فقوله صلى الله عليه وسلم «ليجدوا ريحها» بيانٌ منه أنَّه لا يحرم على المرأة خروجها متطيِّبة إِلا إذا كان قصدها ذلك30.
-------------

26- في اللسان الأخشم الذي لا يجد ريح طيب ولا نتن اﻫ
27- في مختار الصحاح الورس بوزن الفلس نبت أصفر يكون باليمن تتخذ منه الغمرة للوجه اﻫ وقال النووي في المجموع واعلم أن الورس ثمر شجر يكون باليمن أصفر يصبغ به وهو معروف يباع في الأسواق في كل البلاد هكذا ذكره المحققون اﻫ
28- قال في إعانة الطالبين ثم المُحَرَّم من الطيب مباشرته على الوجه المعتاد فيه وهو يختلف باختلاف أنواعه في نحو المسك بوضعه في ثوبه أو بدنه وفي ماء الورد بالتضمخ به وفي العود بإحراقه والاحتواء على دخانه وفي الرياحين كالورد والنمام بأخذها بيده وشمها أو وضع أنفه اﻫ
29- صحيح ابن حبان، ذكر إطلاق اسم الزنى على اليد إذا لمست ما لا يحل لها.
30- قال النووي في المجموع فرعٌ إذا أرادت المرأة حضور المسجد كره لها أن تمس طيـبًا اﻫ