دلائل النبوّة

قال الله تعالى: مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّـهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونٍَ ﴿٧٩﴾ سورة ءال عمران

دلائل النبوّة



بسم الله الرحمن الرحيم
المعجزة

اعلم أنَّ السَّبيلَ إلى معرفةِ النَّبي المُعجزةُ وهي أمرٌ خارِقٌ للعادةِ يأتي على وَفْقِ دَعْوَى من ادَّعَوا النُّبوة سَالِمٌ مِنَ المُعَارَضَةِ بالمِثلِ.
فما كانَ من الأمورِ عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادةِ فليس بمعجزةٍ. وكذلكَ ما كانَ خارقًا لكنّه لم يقترن بدعوَى النّبوةِ كالخوارقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ فإنَّهُ ليسَ بمعجزةٍ بل يُسَمَّى كرامةً.
وكذلك ليسَ من المعجزةِ ما يُستَطاعُ معارضَتُهُ بالمثلِ كالسّحرِ فإنّهُ يُعارَضُ بسِحْرٍ مثلِه.
والمعجزةُ قِسْمَانِ قسمٌ يقعُ بعدَ اقتراحٍ مِنَ الناسِ على الذي ادَّعَى النّبوةَ، وقسمٌ يقعُ مِن غيرِ اقتراحٍ.
فالأَوّلُ نحوُ ناقةِ صالحٍ التي خَرَجَت من الصَّخرةِ. اقترحَ قومُه عليهِ ذلكَ بقولِهم إن كنتَ نبيًّا مبعُوثًا إلينا لِنُؤمِنَ بكَ فأخرجْ لنا من هذه الصَّخرةِ ناقةً وفصيلَها فأخرجَ لهم ناقةً معَها فصِيلُها أي ولدها فاندهَشُوا فآمنوا به لأنّهُ لو كَانَ كاذبًا في قولِهِ إنَّ الله أرسلَهُ لم يأتِ بهذا الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعادةِ الذي لم يَستطع أحدٌ من النَّاسِ أن يعارضَهُ بمثلِ ما أتى به، فَثَبَتَت الحُجَّةُ علَيْهِم ولا يَسَعُهُم إلا الإذعانُ والتَّصديقُ لأنَّ العقلَ يُوجبُ تصدِيقَ من أتَى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُسْتَطاعُ معارضَتُهُ بالمثل مِن قِبَلِ المعارضينَ، فمن لم يُذعِنْ وعاندَ يُعَدُّ مُهْدِرًا لقِيمةِ البُرهانِ العقليّ.

قائمة دلائل النبوّة