لا يوجد في الاسلام شيء يقال له عيد الأم، فبرّها والاحسان إليها مستحسن مشروع في كل أيام السنة بلياليها وليس في يوم واحد فقط.
ورَوَى الحاكمُ والطبرانيُّ والبيهقيُّ في شُعَبِهِ مرفوعًا "رِضَا اللهِ في رِضا الوالدين وسَخَطُهُ في سخطِهِما" فاللهُ أَمَرَنَا بالإحسانِ إليهما بقولِهِ: (وَقَضَى رَبُّكَ ألّا تَعبُدُوا إلّا إياهُ وبالوالدين إحسانًا) ولاسيَّما الأمُّ فعن بَهْزِ بنِ حكيمٍ عن أبيه عن جَدِّهِ رضِياللهُ عنهم قال: "قلتُ يا رسولَ اللهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قال: "أُمَّكَ" قلتُ: ثُمَّ مَن؟ قال: "أمَّكَ" قلتُ: ثم مَن؟ قال: "أمَّكَ" قلتُ: ثم مَن؟ قال: "أباك ثم الأقربَ فالأقربَ" أخرجَهُ أبو داودَ و الترمذيُّ وحَسَّنَهُ، ففي الحديثِ تقديمُ الأمِّ على الأبِ في البِّرِّ وإنَّما حَضَّ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم في حديثِهِ هذا على بِرِّ الأمِّ ثلاثًا وعلى بِرِّ الأبِ مرّةً لِمُعاناتها وشَفَقَتِها مَعَ ما تُقَاسِيهِ مِن حَمْلٍ وطَلْقٍ ووِلادةٍ ورَضاعةٍ وسَهَرِ لَيلٍ فكم هُو عظيمٌ برُّ الوالدين وكم هو عظيمٌ ثوابُ بِرِّهِمَا فعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضِي اللهُ عنه قال: "سألتُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ تَعَالَى؟ قال: "الصلاةُ لوقتِها" قلتُ: ثم أيّ؟ قال: "برُّ الوالدين" رواه البخاريُّ ومسلمٌ.
ولْيُعلَمْ أنَّ هذا البرَّ ليس مُقتصِرًا على يومٍ من أيامِ السنةِ بل لابُدَّ أنْ يَبَرَّهُمَا طولَ العُمُرِ وليس كحالِ كثيرٍ مِنَ الأبناءِ في هذا الزمنِ أنَّهُم يُعامِلُون آباءَهُم وأمهاتِهِم معاملةً غيرَ حسنةٍ فإنّ اللهَ حَرَّمَ علينا عقوقَهُما الذي هو مِن الكبائرِ التي تَوَعَّدَ اللهُ فاعلَها بالعذابِ الشديدِ في النارِ وهُو من المعاصِي التي يُعَجَّلُ لصاحِبِهَا العذابُ في الدنيا قبلَ الآخرةِ رَوَى الحاكمُ بإسنادٍ صحيحٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: " كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ منها ما شَاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا عُقُوقَ الوالدين فإنَّهُ يُعَجَّلُ لصاحِبِهِ".
فَلْيُبَادِرْ العاقُّ للتوبةِ واستِسْمَاحِ والديهِ فَمَنْ أَرَادَ الفلاحَ والنجاحَ فَلْيَبَرَّ والديه تَكُنْ عاقبتُهُ حميدةً فَبِرُّ الوالدين بَرَكَةٌ في الدنيا والآخرةِ وتَذَكَّرْ أيُّها الابنُ أنَّكَ لَنْ تُوَفّْيَ حَقَّ أمِّكَ ولا بِطَلْقَةٍ واحدةٍ مِن آلامِ الوِلادَةِ.