من شمائله صلى الله عليه وسلم

"قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم يوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلـهُكُم إِلـهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ ﴿110﴾ ﴿سورة الكهف﴾

من شمائله صلّى الله عليه وسلّم



بسم الله الرّحمن الرّحيم
باب ما جاء في صِفَةِ عَيْشِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
-52-

370 ـ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ:
أَلَسْتُمْ فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئِتُمْ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم، وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ، مَا يَمْلأُ بَطْنَهُ.

371 ـ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
إِنْ كُنَّا ءَالَ مُحَمَّدٍ نَمكُثُ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ، إِنْ هُوَ إِلا التَّمْرُ وَالْمَاءُ.

372 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، ثَنَا سَيَّارٌ، ثَنَا سَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ:
شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، الْجُوعَ وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَطْنِهِ عَنْ حَجَرَيْنِ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَرَفَعْنَا عَنْ بُطُونِنَا عَنْ حَجَرٍ حَجَرٍ، كَانَ أَحَدُهُمْ يَشُدُّ فِي بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُهْدِ وَالضَّعْفِ الَّذِي بِهِ مِنَ الْجُوعِ.

373 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
خَرَجَ الْنَبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَاعَةٍ لا يَخْرُجُ فِيهَا وَلا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟" قَالَ: خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟"، فَقَالَ: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ"، فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَيْهَانِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ رَجُلا كَثِيرَ النَّخْيلِ وَالشَّجَرِ وَالشَّاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَالُوا لامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ فَقَالَتْ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا، ثُمَّ جَاءَ يَلْتَزِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَيَفْدِيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى حَدِيقَتِهِ، فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفَلا تَنَقَّيْتَ لَنَا مِنْ رُطَبِهِ؟" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَخْتَارُوا، أَوْ قَالَ: تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنِ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ". فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ"، فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا، فَأَتَاهُمْ بِهَا، فَأَكَلُوا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟" قَالَ: لا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَائْتِنَا"، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ. فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اخْتَرْ مِنْهُمَا". فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ اخْتَرْ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هَذَا، فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي، وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا"، فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ حَقَّ مَا قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنْ تَعْتِقَهُ. قَالَ: فَهُوَ عَتِيقٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلا خَلِيفَةً إِلا وَلَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لا تَأْلُوهُ خَبَالًا، وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ".

374 ـ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ بَيَانِ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاٍص يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ رَجُلٍ أَهْرَاقَ دَمًا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنِّي لأَوَّلُ رَجُلٍ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللهِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَغْزُو فِي الْعِصَابَةَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمْدٍ عليه الصَّلَاةُ والسَّلَامُ مَا نَأكُلُ إلاَّ وَرَقَ الشَجَرِ وَالْحُبْلَةِ، حَتَّى تَقَرَحَتْ أَشْدَاقُنَا، وَإِنْ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ وَالبَعِيرُ، وَأَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ يَعَزِّرُونَنِى فِي الدِّينِ. لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْت إِذًا وَضَلَّ عَمَلِي.

375 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا عَمْرُو بْنُ عِيسَى أَبُو نَعَامَةَ العَدَوِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ خَالِدِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَشُوَيْسًا، أَبَا الرُّقَادِ قَالَا: بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَابِ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ، وَقَالَ: انْطَلِقْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ، حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ، وَأَدْنَى بِلَادِ أَرْضِ الْعَجَمِ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ وَجَدُوا هَذَا الْكَذَّانَ فَقَالُوا: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا هَذِهِ البِصْرَةُ. فَسَارُوا حَتَّى إِذَا بَلَغُوا حِيَالَ الْجِسْرِ الصَّغِيرِ. فَقَالُوا: هَهُنَا أُمِرْتُمْ فَنَزَلُوا فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، قَالَ: فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لسَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى تَقَرَّحَتْ أَشْدَاقُنَا فالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَقَسَمْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاص، فَمَا مِنَّا من أُولَئِكَ السَبْعَةِ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ أَمِيرُ مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ وَسَتَجَرِّبُونَ الأُمَرَاءَ بَعْدَنَا.

376 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ أَبُو حَاتِمٍ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ أُخِفْتُ فِي اللهِ وَمَا يَخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاثُونَ مِنْ بَيْنِ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَىءٌ يُوَارَيِهِ إِبِطُ بِلالٍ.

377 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدٍ الْعَطَّارُ، ثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ غَدَاءٌ وَلا عَشَاءٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ كَثْرَةُ الأَيْدِي.

378 ـ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، ثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ إِيَاسٍ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَنَا جَلِيسًا، وَكَانَ نِعْمَ الْجَلِيسُ، وَإِنَّهُ انْقَلَبَ بِنَا ذَاتَ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا دَخَلْنَا بَيْتَهُ وَدَخَلَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَأُتَيْنَا بِصَحْفَةٍ فِيهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ، فَلَمَّا وُضِعَتْ بَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: هَلكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَشْبَعْ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ، فَلا أَرَانَا أُخِّرْنَا لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَنَا.

قائمة من شمائله صلى الله عليه وسلم

من شمائله صلى الله عليه وسلم