مقصد الساعي لمعرفة مناقب الأوزاعي

قال الله تعالى: أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ ﴿٦٢﴾ سورة يونس

مقصد الساعي لمعرفة مناقب الأوزاعي



من كلمات الأوزاعيّ ومواعظه

لقد كان الإمام الأوزاعي ذا باعٍ طويل في البلاغة وحسن البيان بحيث يفوق الكثير من أعلام الأدب في عصره، وكانت عباراته صادقة اللهجة قويّة المعاني، وقد ظهر ذلك في مجالسه التي كان يعقدها ومراسلاته إلى الأمراء والعلماء وطلاب العلم.
ومِن رسائله ما بعث به إلى أخ له يقول له: أما بعد فإنّك قد أُحيط بك من كلّ جانب، واعلم أنّه يُسارُ بك في كلّ يوم وليلة، فاحذر الله والمُقام بين يديه، وأن يكون ءاخر العهد بك والسّلام.
ومن أقواله وحكمه: تَقَوَّوا بهذه النّعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة، فإنّكم في هذه الدار قليل، وأنتم عمّا قريب منها راحلون، خلائف بعد القرون الماضية الذين استقبلوا من الدّنيا أنفها وزهرتها، فهم كانوا أطول منكم أعمارًا وأمدّ أجسامًا وأعظم إجلالاً، وأكثر أموالاً وأولاداً، فخَدَّدوا الجبال وجابوا الصّخور بالواد، وتنقّلوا في البلاد مؤيَّدين ببطشٍ شديد وأجسادٍ كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طويت ءاثارهم وتغيّرت منازلهم وديارهم، فهل تُحِسُّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم رِكزًا، كانوا يتطلّبون الدّنيا ويُطيلونَ الأمل ءامنين، وعن ميقات يوم موتهم غافلين.
ومن مواعظه رضي الله عنه قوله: من أكثر من ذكر الموت كفاه اليسير، ومن علم أنّ منطقه من عمله قَلَّ كلامه.
وقال أيضًا واعظًا: عليك بآثار من سَلَف وإن رفضك النّاس، وإيّاك وأقوال الرجال وإن زخرفوها وحسّنوها.
ومن أقواله المأثورة: اصبر على السنة، وقف حيث يقف القوم، وقل ما قالوا، وكفّ عما كَفّوا، وليسعك ما وسعهم.
وقال: العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم.
وقال أيضًا: إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم باب الجدل، وسدَّ عنهم باب العلم والعمل.
وقال رضي الله عنه: العافية عشرة أجزاء، تسعة منها صمت، وجزء منها الهرب من الناس.
وقال العبّاس بن الوليد بن مَزيَد: "ما رأيت أبي يتعجّبُ من شىء رءاه في الدُّنيا تعجّبه من الأوزاعي"، وكان يقول: "سبحان الله يفعل ما يشاء، ما سمعت منه كلمه قطّ إلّا رغب مستمعها في حفظها وإثباتها".

قائمة مقصد الساعي لمعرفة مناقب الأوزاعي