من حُبّه صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ سورة البقرة

من حُبّه صلى الله عليه وسلم

وَخالقِ النّاسَ بخلقٍ حسَن

وَخالقِ النّاسَ بخلقٍ حسَن

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَـحْقِرَنَّ مِنَ الـمَعْروفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" أَيْ لَا تَـحْتَقِروا شَيْئًا مِنَ الحَسَناتِ لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الحَسَنَةُ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى أَخِيكَ الـمُؤْمِنِ بِوَجْهٍ طَلْقٍ أَيْ بِوَجْهٍ غَيْرِ عابِسٍ بَلْ بِوَجْهٍ يُؤْذِنُ بِالْفَرَحِ بِأَخِيكَ الـمُسْلِمِ بِأَخِيكَ الـمُؤْمِنِ، إِذَا لَمْ تَعْمَلْ مَعَ أَخِيكَ الـمُؤْمِنِ شَيْئًا إِلَّا أَنَّكَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ طَلْقٍ فَذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عَظيمٌ.

إِنَّ طَلاقَةَ الوَجْهِ وَبَشاشَتَهُ عَمَلٌ سَهْلٌ، وَلَهُ أَثَرٌ كَبيرٌ فِي نُفُوسِ الـمُتَلَقِّينَ، فَهُوَ يُدْخِلُ البَهْجَةَ وَالسُّرورَ والِاطْمِئْنانَ عَلَيْهِمْ. وَالْوَجْهُ الْبِاسِمُ يُـحَبِّبُ صاحِبَهُ إِلَى النَّاسِ، وَيَنْشُرُ فِيهِمُ الأَمانَ وَالْخَيْرَ. وَهَكَذَا كَانَ خُلُقُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَنْ جَريرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "مَا حَجَبَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَءَانِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَتْ أَعْمالُ الـمَعْروفِ كَثيرَةٌ بَعْضُها أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ ذَكَرَ الرَّسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هُوَ أَسْهَلَ عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ أَنْ يَلْقَى الـمُسْلِمُ أَخَاهُ الـمُسْلِمَ بِوَجْهٍ "طَلْقٍ" أَيْ ضاحِكٍ مُسْتَبْشِرٍ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ عَبوسٍ مُكْفَهِرٍّ. فَمَا كَانَ أَشَدَّ كُلْفَةً مِنَ الـمَعْروفِ كَانَ أَعْظَمَ ثَوَابًا، فَلَا يَدْرِي الـمُؤْمِنُ مَاذَا يُعْطيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِـهَذِهِ الحَسَنَةِ، لِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَـحْقِرَ أَيَّ حَسَنَةٍ مِنَ الحَسَناتِ بَلْ يَغْتَنِمُها لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُعْطي عَلَى العَمَلِ القَليلِ الثَّوابَ الكَثيرَ الجَزيلَ.