من حُبّه صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ سورة البقرة

من حُبّه صلى الله عليه وسلم

أوصاه بأعظم ما يوصي به المسلم أخاه

أوصاه بأعظم ما يوصي به المسلم أخاه

كَانَ الصَّحابَةُ حَرِيصِينَ عَلَى أَنْ يَدْعُوَ لَـهُمْ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالخَيْرِ فِي سَفَرِهِمْ وَحَضَرِهِمْ رَجاءَ حُصولِ الخَيْرِ. يَرْوِي أَنَسُ بْنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا جَاءَ فِي الحَديثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذيُّ وَالحَاكِمُ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّهُ "جَاءَ رَجُلٌ" أَيْ قَدِمَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَأْذِنًا لِلسَّفَرِ طَالِبًا الزَّادَ.

فَقَالَ لَهُ: "يَا رَسولَ اللهِ إِنِّي أُريدُ سَفَرًا" أَيْ إِنِّي أَبْتَغِي سَفَرًا "فَزَوِّدْنِي" أَيْ قُلْ لِي قَوْلًا أَسْتَعينُ بِهِ عَلَى سَفَرِي هَذَا كَالزَّادِ، فَدَعَا لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: "زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى" أَيْ أَعْطَاكَ اللهُ التَّقْوَى بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ واجْتِنابِ الـمَعَاصِي، بِحَيْثُ تَجْعَلُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَذابِ اللهِ وِقايَةً؛ فَهِيَ خَيْرُ زَادٍ. التَّقْوَى كَلِمَةٌ خَفيفَةٌ عَلَى اللِّسانِ وَلَكِنَّها ثَقيلَةٌ فِي الْمِيزَانِ، التَّقْوَى هِيَ لُزومُ طاعَةِ اللهِ، التَّقْوَى مَدارُها عَلَى أَمْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ، أَداءِ الوَاجِبَاتِ واجْتِنابِ الـمُحَرَّمَاتِ.
ثُمَّ كَرَّرَ طَلَبَ الزِّيادَةِ رَجاءَ الخَيْرِ وَبَرَكَةِ الدُّعاءِ، "فَقَالَ" أَيِ الرَّجُلُ: "زِدْنِي"، أَيْ مِنَ الزّادِ أَوْ مِنَ الدُّعاءِ فَأَجَابَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِ الزِّيادَةَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَغَفَرَ ذَنْبَكَ"، أَيْ مَحَا مَعْصيَتَكَ وَخَطيئَتَكَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ مَرَّةً أُخْرَى: "زِدْنِي يَا رَسولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي" أَيْ أَفْدِيكَ بِأَبِي وَأُمِّي، كَرَّرَ طَلَبَ الزِّيادَةِ رَجاءَ الخَيْرِ وَبَرَكَةِ الدُّعاءِ؛ فَمَا كَانَ مِنَ الـمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ خَتَمَ لَهُ بِـخاتِـمَةٍ جَميلَةٍ جامِعَةٍ لِلْبِرِّ والفَلاحِ، "فَقَالَ" لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ" أَيْ سَهَّلَ لَكَ خَيْرَ الدَّارَيْنِ، سَهَّلَ لَكَ الخَيْرَ فِي دينِكَ وَدُنْيَاكَ وَءَاخِرَتِكَ؛ فِي أَيِّ مَكانٍ حَلَلْتَ فِيهِ، فِي أَيِّ مَكانٍ نَزَلْتَ بِهِ، وَفِي أَيِّ زَمانٍ.