كتاب الروائح الزكيّة في مولد خير البرية

فَصْلٌ فِي أَسْـماءِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكُنْيَتِهِ

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ (29)﴾ [سُورةَ الفَتْحِ]، وَقَالَ حِكايَةً عَنْ قَوْلِ عِيسَى: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْـمُهُ أَحْمَدُ (6)﴾ [سُورَةَ الصَّفِّ]. وَرَوَى البُخاريُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ1 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُ قَالَ: سَـمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ لِـي أَسْـمَاءً: أَنا مُحَمَّدٌ" الأَوَّلُ مُحَمَّدٌ، وَابْتَدَأَ بِهِ لِكَوْنِهِ أَشْهَرَ أَسْـمَائِهِ وَأَشْرَفَها. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: "وَقَدْ حَمَى اللهُ هَذَا الِاسْمَ فَلَمْ يَتَسَمَّ بِهِ أَحَدٌ مِـمَّنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ فِي الإِسْلامِ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَلَمْ يَتَسَمَّ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَإِنَّـمَا سَـمَّتِ العَرَبُ مُحَمَّدًا قُرْبَ ميلادِهِ لـمَّا أَخْبَرَ الأَحْبَارُ وَالكُهَّانُ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ فِي ذَلِكَ الزَّمانِ يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَسَمَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ"، قَالَ وَهُمْ سِتَّةٌ، وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الحافِظُ ابْنُ حَجَرٍ نَحْوَ خَمْسَةَ عَشَرَ.


وَرَوَى مُسْلِمٌ2 عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَريِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْـماءً فَقَالَ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَحْمَدُ، وَالـمُقَفِّي" بِكَسْرِ الْفَاءِ الـمُشَدَّدَةِ أَيِ التَّابِعُ لِلْأَنْبِيَاءِ فَكَانَ ءَاخِرَهُمْ، وَقافِيَةُ كُلِّ شَىْءٍ ءَاخِرُهُ.
"وَالحَاشِرُ، ونَبِيُّ التَّوْبةِ" أَيْ نَبيٌّ مُخْبِرٌ عَنِ اللهِ بِقَبولِهِ التَّوْبَةَ أَيْ بِشُرُوطِهَا، أَوْ ءَامِرًا بِهَا.
"وَنَبِيُّ الرَّحْـمَةِ" أَيْ نَبيُّ التَّراحُمِ بَيْنَ الأُمَّةِ، أَوْ مُـخْبِرٌ عَنْ رَحْمَةِ اللهِ لِرَحْمَةِ دينِهِ ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [سورَةَ الأَنْبياءِ].
وَرَوَى الإِمامُ أَحْمَدُ3 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَـمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَالحاشِرُ، وَالـمَاحِي، وَالـخَاتِـمُ، وَالعَاقِبُ".


1- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب ما جاء في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتاب التفسير: تفسير سورة الصف، ومسلم في صحيحه: كتاب الفضائل: باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم، ومالك في الموطأ: كتاب الجامع: باب أسماء النبي، وأحمد في مسنده (84 -80/4)، والبيهقي في الدلائل (153 -152/1)، والدرامي في سننه: كتاب الرقاق: باب في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الفضائل: باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم
3- أخرجه أحمد في مسنده (81/4).