عقيدة المسلم

"قال الله تعالى: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿١١﴾ سورة الشورى

عقيدة المسلم



القول في أهل الكبائر

وَأَهلُ الكَبائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في النَّارِ لا يَخْلُدُونَ إذَا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ أي مؤمنون، وَإنْ لَمْ يَكُونُوا تَائِبينَ بَعْدَ أَنْ لَقُوا اللهَ أي مَاتُوا عَارفِينَ أي باللهِ ورسولِهِ مُؤْمِنِينَ أي مُذْعِنِيْنَ في قُلُوبِهِم بذلكَ، فهؤلاءِ لَوْ ماتوا بِلا توبةٍ لا يَخْلُدونَ في النار، وَمَنْ عُذِّبَ مِنْهُمْ لا بُدَّ أنْ يَخرُجَ منَ النارِ ويَدخلَ الجنةَ.
وَهُمْ في مَشِيئَتِه وَحُكْمِهِ إنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ بِفَضْلِهِ كَمَا ذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (48) [سورة النساء]، وَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ في النَّارِ بِعَدْلِهِ ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا بِرَحمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافعِينَ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ أي أن الشفعاء إمَّا أنْ يَكونُوا أنبياءَ، وإمَّا أنْ يَكُونوا علماءَ أتقياءَ، أو يكونون بصفةٍ أُخْرَى كشهداءِ المعركةِ ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ أي يخرجهم إلى جَنَّتِهِ وذَلِكَ بأَنَّ اللهَ تَعَالى تَوَلَّى أَهْلَ مَعْرِفَتِهِ أي أنَّ اللهَ حافظٌ أهلَ معرفتِه المؤمنينَ بهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ في الدَّارَيْنِ كَأَهْلِ نُكْرَتِهِ أي لم يجعلهم كالذين كَذَّبوا بهِ إمَّا بِنَفْيِ وجودِ اللهِ كالدَّهْرِيَّةِ وإمَّا بعبادةِ غيرِهِ وإمَّا بتكذيبِ رسولِهِ أَوْ نحوِ ذلكَ الذينَ خَابُوا مِنْ هِدايَتِهِ وَلَمْ يَنَالُوا مِنْ وِلايَتِهِ أيْ ما صارَ لَهُمْ حظٌّ مِنْ وِلايةِ اللهِ العامَّةِ التي هي الإسلامُ. اللهُمَّ يا وَليَّ الإسلامِ وأهلِه ثَبِّتْنَا على الإسلامِ حَتى نَلقَاكَ به أيْ حتى نَمُوتَ على الإسلام. وَنَرَى جواز الصَّلاةِ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ أي التَّقِيُّ وَفَاجِرٍ أي مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الكبائرِ مِنْ أَهْلِ القِبْلَةِ معَ الكراهةِ خلفَ الفاجرِ وَكما نعتقدُ وجوبَ الصلاةِ عَلَى مَن مَاتَ مِنهُمْ أي من المسلمين.
وَلا نُنَزِّلُ أَحَدًا مِنْهُمْ جَنَّةً وَلا نَارًا أيْ لا نحكُمُ مِنْ تِلْقَاءِ أنفسِنا بأنَّ فلانًا منْ أهلِ الجنةِ وأنَّ فلانًا منْ أهلِ النارِ، إلا مَنْ شَهِدَ له الشرعُ. وَلا نَشهَدُ عَلَيهمْ بِكُفرٍ أيْ لا نُكفِّرُ أحدًا وَلا أي لا نَحكُمُ على أحدٍ بِشِركٍ وَلا بِنِفَاقٍ أي بدونِ دليلٍ شرعيٍّ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَىءٌ مِن ذلِكَ أي نحن نحكم بالظاهر وَنَذَرُ سرَائِرَهُمْ إلَى اللهِ تَعَالى أيْ نقولُ: اللهُ أعلمُ بما في قلوبِهِم، لأنَّ اللهَ هو المطَّلِعُ عليها دونَ العبادِ فوجبَ تفويضُ ذلكَ إليهِ. وَلا نَرَى السَّيْفَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أيْ لا يجوزُ قتلُ المسلِمِ البَرِّ والفاجرِ إلا مَنْ وَجَبَ عَلَيهِ السَّيفُ أي ثَبَتَ عليهِ القتلُ لسبب شرعي كالردة والقصاص والبغي.

عقيدة المسلم

عقيدة المسلم