قال الله عزّ وجل " وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرا " الإسراء ١٦ " فليس معنى الآية أن الله تعالى يأمر بالفسق حاشا بل قوله عز وجل ﴿وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً﴾ أي أهل قرية ﴿أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ أي متنعميها الذين بطروا وجبابرتها بالطاعة وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير ﴿فَفَسَقُوا فِيهَا﴾ أي خرجوا عن الأمر كقولك أمرته فعصى وقيل أمرنا أي كثّرنا حَكَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: الْعَرَبُ تَقُول: أَمِرَ الْقَوْمُ إِذَا كَثُرُوا. انتهى
﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ﴾ أي الوعيد ﴿فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً﴾ أي أهلكهم إهلاكاً
وبمثل هذا قال أبو حيان في البحر المحيط والرازي في التفسير الكبير والنسفي في مدارك التنزيل وغيرهم وقال الرازي في التفسير الكبير ثَبَتَ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرَهُ الْكُلُّ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى أَمَرْنَاهُمْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَهِيَ الْإِيمَانُ وَالطَّاعَةُ وَالْقَوْمُ خَالَفُوا ذَلِكَ الْأَمْرَ عِنَادًا وَأَقْدَمُوا عَلَى الْفِسْقِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: أَمَرْنا مُتْرَفِيها أي أَكْثَرْنَا. انتهى
قال ابن الجوزي في زاد المسير ما نصه: قال الزجاج: ومثله في الكلام أمرتك فعصيتني فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر . فليعلم هذا وليتق الله أولئك الذين يهرفون بما لا يعرفون نسأل الله السلامه والسداد والله تعالى أعلم وأحكم