قراءة في ءاية من القرءان الكريم

قال الله تعالى في كتابه العزيز: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾ ﴿سورة العلق﴾

قراءة في ءاية من القرءان الكريم

بسم الله الرّحمن الرّحيم
﴿كهيعص﴾
سورة مريم الآية 1

الحمدُ لله ربِّ العالمين لهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن صَلَوَاتُ اللهِ البَرِّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ المرسَلِين وحَبِيبِ رَبِّ العَالمين وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلٍّ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين
يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: *﴿كهيعص{1} ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا{2} إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا{3} قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا{4} وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا{5}﴾[سورة مريم]*
*﴿كهيعص﴾* قَالَ السُّدِيُّ هُوَ اسْمُ اللهِ الأعْظَم وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلسُّورَة
*﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ﴾* أَيْ هَذَا ذِكْرُ
*﴿عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾* دَعَاهُ دُعَاءً سِرًا كَمَا هُوَ الـمَأْمُورُ بِه وَهُوَ أَبْعَدُ عَنِ الرِّيَاء وَأَقْرَبُ إِلَى الصَّفَاء. أَوْ أَخْفَاهُ لِئَلَّا يُلَامَ عَلَى طَلَبِ الوَلَدِ فِي أَوَانِ الكِبَر، لِأَنَّهُ كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِين أَوْ ثَمَانِينَ سَنَة
*﴿قَالَ رَبِّ﴾* هَذَا تَفْسِيرُ الدُّعَاءِ وَأَصْلُهُ يَا رَبِّي
*﴿إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي﴾* أَيْ ضَعُفَ، وَخَصَّ العَظْمَ لِأَنَّهُ عَمُودُ البَدَن وَبِهِ قِوَامُه فِإِذَا وَهَنَ تَدَاعَى وَتَسَاقَطَت قُوَّتُه وَلِأَنَّهُ أَشّدُّ مَا فِيه وَأَصْلَبُه فَإِذَا وَهَنَ كَانَ مَا وَرَاءَهُ أَوْهَن. وَوَحَّدَهُ لِأَنَّ الوَاحِدَ هُوَ الدَّالُّ عَلَى مَعْنَى الجِنْسِيَّة وَالـمُرَادُ أَنَّ هَذَا الجِنْسَ الَّذِي هُوَ العَمُود وَالقِوَامُ أَشَدُّ مَا تَرَكَّبَ مِنْهُ الجَسَد، قَدْ أَصَابَهُ الوَهن
*﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾* أَيْ فَشَى فِي رَأْسِي الشَّيْب. يُقَالُ اشْتَعَلَتِ النَّارُ إِذَا تَفَرَّقَت فِي التِهَابِهَا وَصَارَت شُعَلًا فَشَبَّهَ الشِّيْبَ بِشُوَاظِ النَّارِ فِي بَيَاضِهِ وَانْتِشَارِهِ فِي الشَّعَرِ وَأَخْذِهِ مِنْهُ كُلَّ مَأْخَذ بِاشْتِعَالِ النَّار، وَلَا تَرَى كَلَامًا اَفْصَحَ مِن هَذَا
*﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ﴾* أَيْ بِدُعَائِي إِيَّاكَ
*﴿رَبِّ شَقِيًّا﴾* أَيْ كُنْتُ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ قَبْلَ اليَوْم سَعِيدًا بِه غَيْرَ شَقِيٍ فَيه. يُقَالُ سَعِدَ فُلَانٌ بِحَاجَتِه إِذَا ظَفِرَ بِهَا وَشَقِيَ إِذَا خَابَ وَلَم يَنَلْهَا. وَعَن بَعْضِهِم أَنَّ مُحْتَاجًا سَأَلَه وَقَال أَنَا الَّذِي أَحْسَنْتَ إِلَيّ وَقْتَ كَذَا فَقَالَ مَرْحَبًا بِمَن تَوَسَّل بِنَا إِلَيْنَا وَقْتَ حَاجَتِهِ وَقَضَى حَاجَتَه
*﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾* هُمْ عَصَبَتُهُ وَإِخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّه وَكَانُوا شِرَارَ بَنِي إِسْرَائِيل فَخَافَهُم أَنْ يُغَيِّرُوا الدِّين وَأَنْ لَا يُحْسِنُوا الخِلَافَةَ عَلَى أُمَّتِه فَطَلَبَ عَقِبًا صَالِحًا مِن صُلْبِهِ يَقْتَدِي بِهِ فِي إِحْيَاءِ الدِّين
*﴿مِنْ وَرَائِي﴾* بَعْدَ مَوْتِي. وَهَذَا الظَّرْفُ لَا يَتَعَلَّقُ بِـــــ ﴿خِفْتُ﴾ لِأَنَّ وُجُودَ خَوْفِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُتَصَوَّر وَلَكِن بِمَحْذُوف. أَوْ بِمَعْنَى الوِلَايَةِ مِنَ الـمَوَالِي أَيْ خِفْتُ فِعْلَ الـمَوَالِي وَهُوَ تَبْدِيلُهُم وَسُوءُ خِلَافَتِهِم مِن وَرَائِي. أَوْ خِفْتُ الَّذِينَ يَلُونَ الأَمْرَ مِن وَرَائِي
*﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾* عَقِيمًا لَا تَلِد
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين، رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار،
اللهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْرَ ضَآلِّينَ وَلَا مُضِلِّين، اللهُمَّ أَصْلِحَ ذَاتَ بِيْنِنَا وَأَلِّف بَيْنَ قُلُوبِنَا
وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا يَا أرحم الراحمين

قائمة قراءة في ءاية من القرءان الكريم

قراءة في ءاية