الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تكون مستقيمًا

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِيمًا

الْاِسْتِقَامَةُ مَطْلَبٌ عَظِيمٌ، وَمَقْصِدٌ جَلِيلٌ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ مُـجَاهَدَةٍ للنَّفْسِ وَاسْتِعَانَةٍ بِاللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهِي لُزُومُ طَاعَةِ اللهِ وَمُجَانَبَةُ الْـهَوَى قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [سورة الأحقاف/13]. فَمَنْ أَرَادَ النَّجَاةَ، وَالنَّجَاحَ، وَالْفَلَاحَ، وَتَنَزُّلَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ بِالْبِشَارَةِ:

1. بِعَدَمِ الْـخَوْفِ مِـمَّا هُوَ عَلَيْهِ ءَاتٍ.
2. وَبِعَدَمِ الْـحُزْنِ عَلَى مَا هُوَ مُفَارِقُهُ.
3. وَبِـجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
4. وَوَلَايَةِ الْمَلَائِكَةِ لَهُ فِي السَّمَاءِ وَالْأرْضِ.
5. وَبِنَعِيمٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنٌ وَلَا سَـمِعَتْهُ أُذُنٌ، فَعَلَيْهِ بِالْاِسْتِقَامَةِ.
وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بشَىْءٍ أَعْتَصِمُ بِهِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ: "قُلْ ءَامَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ"، قَالَ قُلْتُ: مَا أَشَدُّ مَا تَتَخَوَّفُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: "هَذَا"، وَأَخَذَ بِلِسَانِهِ أَيْ أَخَذَ الرَّسُولُ ﷺ بَلِسَانِهِ، فَقَالَ لَهُ: "هَذَا". الْـجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ هَذَا الْـحَديثِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْمَلُونَ بِهِ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الصَّحَابِيَّ الْـجَلِيلَ سُفْيانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: يا رَسُولَ اللهِ مَا أَشَدُّ مَا تَـخَافُ عَلَيَّ فَقَالَ الرَّسُولُ: "هَذَا"، وَأَخَذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ، أَمْسَكَ لِسَانَهُ وَقَالَ: "هَذَا" أَيْ هَذَا أَشَدُّ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ، يَعْنِي أَكْثَرُ مَا يَضُرُّكَ مَعَاصِي لِسَانِكَ.
رَوَى الْإمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قَالَ: "لَا يَسْتَقِيمُ إيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ". فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَنِيَ بِقَلْبِهِ إِصْلَاحًا وتَنْقِيَةً لَهُ، وَاجْتِهَادًا فِي تَزْكِيَتِهِ وَتَطْهِيرِهِ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: "أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَمَّا اسْتِقامَةُ اللِّسَانِ فَبِصِيَانَتِهِ وَحِفْظِهِ عَنْ كُلِّ أَمْرٍ يُسْخِطُ اللهَ، وَشُغْلِهِ بِكُلِّ نَافِعٍ مُفِيدٍ، وَبِكُلِّ قَوْلٍ سَدِيدٍ، قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [سورة الأحزاب/70]. أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُكْرِمَنِي وَإِيَّاكُمْ بِالْاِسْتِقَامَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، سِرًّا وَجَهْرًا وَأَنْ يَتَوَفَّانَا وَهُوَ رَاضٍ عَنَّا.