الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تكون من الصابرين

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّابِرِين

اللهَ تَبَارَكِ وَتَعَالَى أَثْنَى عَلَى الصَّابِرِينَ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [سورة الزمر/10] وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "وَمَا أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ" مَعَنَاهُ الصَّبْرُ عَطَاءٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَنَّ الصَّبْرَ بَابُهُ وَاسِعٌ.

ثُمَّ مِنْ جُمْلَةِ الصَّبْرِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ لَا يَلْجَأَ إِنْسَانٌ إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ إِلَى أيِّ طَرِيقٍ حَرَّمَهُ اللهُ تَعَالَى، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَلْجَؤُونَ إِلَى الْكُهَّانِ عِنْدَمَا تُصِيبُهُمُ الْمَصَائِبُ أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَضْرِبُونَ بِالْمَنْدَلِ أَوْ يَسْتَخِيرُونَ بِالْمِسْبَحَةِ أَوْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُقَالُ عَنْهُمْ "فُلَانٌ رُوحَانِيٌّ" وَهُوَ الَّذِي مَعَهُ جِنِّيٌّ يَأْتِيهِ بِالْأَخْبَارِ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ صَابِرِينَ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ لَا يَنْفَعُونَهُمْ بِتَقْريبِ مَا هُوَ بَعيدٌ عَنْهُمْ وَلَا يُبْعِدُونَ عَنْهُمْ مَضَرَّةً كَتَبَهَا اللهُ عَلَيْهِمْ. فَلَوْ صَبَرُوا وَسَلَّمُوا للهِ تَعَالَى تَسْلِيمًا كَامِلًا وَلَمْ يَذْهَبُوا إِلَى هَؤُلَاءِ كَانَ خَيْرًا لَـهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَصَائِبَ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ قَدْ تَـجْعَلُهُمْ يَـخْرُجُونَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ عَلَيْهِم شَىْءٌ مِنَ الذُّنُوبِ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وإنّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾ [سورة البقرة/155-156- 157].
فَفِي هَذِهِ الآيَاتِ تَبْشِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى، وَهِي أَنَّهُمْ رَاضُونَ عَنِ اللهِ تَعَالَى أَيْ لَا يَتَسَخَّطُونَ عَلَيْهِ وَلَا يَتَضَجَّرُونَ مِنْ قَضَائِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَصَائِبُ تُقْلِقُهُمْ وتُـحْزِنُهُم وتُؤْذِيهِمْ فِي أَجْسَادِهِمْ لَكِنَّ قَلُوبَهُمْ رَاضِيَةٌ عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، هَؤُلَاءِ بشَّرهُمُ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ تَنَالُهُمْ صَلَوَاتٌ مِنَ اللهَ أَيْ رَحَمَاتٌ مَقْرُونَةٌ بِالتَّعْظِيمِ. وَأَوَّلُ شَرْطٍ لِهَذَا أَيْ فِي نَيْلِ اسْتِحْقَاقِ الرَّحَمَاتِ الخَاصَّةِ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ أَيْ الْاِعْتِقادُ الْجَازِمُ بِوُجُودِهِ تَعَالَى بَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثيلٍ وَلَا تَصْوِيرٍ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَتَرْكُ الْاِعْتِراضِ بِكُلِّ مَا يَقْضِيهِ عَلَى الْعِبَادِ مِمَّا يُسُرُّهُمْ وَمِـمَّا يَسُوؤُهُم، أَمَّا الْإيمَانُ بِرَسُولِهِ فَهُوَ التَّسْلِيمُ لَهُ ﷺ بِأَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ.
جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبَادِهِ الصَّابِرينَ الشَّاكِرِينَ الذَّاكِرِينَ الْحَامِدِينَ الْعَابِدِينَ، ءَامِين.