الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تكون من الفائزين

الْأفْضَلُ لَكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الفَائزينَ

إِنَّ الْفَوْزَ الَّذِي يَحْصُلُ بالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ وَدُخُولِ الـجَنَّةِ لَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ سَبَبٌ يُوصِلُ إِلَيْهِ، فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدَخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ النَّاسَ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ".

هَذَا الْحَديثُ يُـخْبِرُنَا فِيه رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَّ مَنْ أَرَادَ النَّجَاةَ مِنَ النَّارِ وَالْفَوْزَ بالـجَنَّةِ لِيَعْمَلْ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَهِيَ الْإيمَانُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَيْ لِيَسْتَمِرَّ عَلَى الْإيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَيْ وَمَا يَلْزَمُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْإيمَانِ.
وَأَمَّا الْـجُمْلَةُ الْأَخِيرَةُ "وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" فَهَذِهِ مَنْ عَمِلَ بِهَا فَقَدْ فَازَ، وَمَنْ لَـمْ يَعْمَلْ بِهَا فَلَا يَكُونُ إلّا فِي الْـحَضِيضِ الْأَسْفَلِ، لِأَنَّ هَذَا فِيه حَثٌّ بَالِغٌ عَلَى حُسْنِ الْـخُلُقِ إِذْ فِيهِ تَأْكِيدُ مُعَامَلَةِ النَّاسِ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُوهُ بِهِ مِنَ الصِّدْقِ فِي الْقَوْلِ وَالْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ وَكَرَاهِيَةٍ للنَّاسِ مَا يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَصِلَهُ مِنْهُمْ.
"وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" مَعَنَاهَا أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ يُحِبُّ أَنْ يُعَامِلَهُ النَّاسُ بِالْعَفْوِ وَالْمُسَامَـحَةِ والإِغْضَاءِ والصَّبْرِ عَلَى مَا يَبْدُو مِنْ أَخِيهِ مِنَ الْـهَفَوَاتِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعَامِلَ النَّاسَ بِالْمِثْلِ أَيْ يَصْبِرَ عَلَى أذَاهُم وَيَعْمَلَ الْمَعْرُوفَ مَعَهُمْ لِمَنْ عَرَفَ لَهُ وَلِمَنْ لَـمْ يَعْرِفْ لَهُ. أَمَّا مَنْ لَـمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ فَلَا يَتَرَقَّى عِنْدَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهَذَا هُوَ حُسْنُ الْـخُلُقِ الَّذِي حَثَّ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى التَّخَلُّقِ بِهِ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِي أعْلَى الجَنَّةِ فَلْيُحَسِّنْ خُلُقَهُ". إِذَا الْتَزَمْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ صِرْتُم مِنَ الفَائِزِينَ، تَكُونُونَ ارْتَقَيْتُم إِلَى الْمَعَالِي. إِنَّ الْفَوْزَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ دُخُولُ الجَنَّةِ والنَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا يَسْتَوِيَ أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [سورة الحشر/20]. رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَوَاتِ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، فإِنْ أَلْزَمْتَ نَفْسَكَ تَقْوَى اللهِ تَعَالَى فأَدَّيْتَ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنَبْتَ الْمُحَرَّمَاتِ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى كُنْتَ مِنَ الفَائِزينَ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَنَا مِنَ الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ وَأَنْ يَرْزُقَنَا كَمَالَ الْإيمَانِ.