الأفضل لك

قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦٨﴾ سورة البقرة

الأفضل لك

الأفضل لك أن تقول عند المصيبة

الأَفْضَلُ لَكَ أَنْ تَقُولَ عِنْدَ المُصِيبَةِ

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ، - أَيْ أَعْطَاهُ اللهُ أَجْرَهُ وَجَزَاءَ صَبْرِهِ وَهَمِّهِ فِي مُصِيبَتِهِ- وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"،

قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللهِ ﷺ. وَفِي رِوِايَةٍ قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قَالَتْ: فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ.
وَقَوْلُنَا: "إنَّا للهِ" إعْلَامٌ وَاضِحٌ بِأَنَّنَا مَمْلُوكُونَ للهِ الَّذِي أَوْجَدَنَا وَخَلَقَ أَعْمَالَنَا وَحَرَكَاتِنَا وَنِيَّاتِنَا وَخَوَاطِرَنَا سُبْحَانَه، وَبِإِرَادَتِهِ وَتَحْتَ قُدْرَتِهِ تَصرِيفُ أُمُورِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُنَا: "وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" فَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْبَعْثِ وَالْـحَشْرِ وَالْقِيَامَةِ، قَوْمٌ إِلَى الـجَنَّةِ وَقَوْمٌ إِلَى النَّارِ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ جَهَنَّمَ؛ أَيْ أَنَّ مَآلَـهُمْ إِلَى الْـجَزَاءِ مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَجَزَاءُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى إيمَانِهِمْ بَدْؤُهُ فِي الْبَرْزَخِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِمَّا يَسُرُّهُمْ، يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ كُلَّ يَوْمٍ مَقْعَدَهُمْ فِي الـجَنَّةِ أَوْلَ النَّهَارِ مَرَّةً وءاخِرَ النَّهَارِ مَرَّةً، وَهَذَا يَفُوقُ كُلَّ لَذَّاتِ الدُّنْيا الَّتِي كَانُوا يُصِيبُونَهَا حِينَ كَانُوا عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ وَهُنَاكَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَا يَلْقَوْنَهُ مِنَ النَّعِيمِ أَعْظَمُ فَأَعْظَمُ. وَلَيْسَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ عِبَارَةً عَنِ الْاِنْتِقَالِ إِلَى مَكَانٍ أَوْ جِهَةٍ، فَإِنَّ الْمَكَانَ عَلَى اللهِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ اللهَ خَالِقُهُ وَخَالِقُ مَا سِوَاهُ فَلَا يَحْتَاجُ سُبْحَانَه إِلَى شَىْءٍ. وَفِي الْاِسْتِرْجَاعِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ تُظْهِرُ بَرَكَةَ تَسْلِيمِ الْمُؤْمِنِ أَمْرَهُ إِلَى رَبِّهِ وَاتّكَالِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَه وَهُوَ الْعَالِـمُ بِكُلِّ شَىْءٍ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [سورة الملك/ 14].
فَالْمُؤْمِنُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَابِرًا عَلَى الْبَلَايَا مُقْبِلًا عَلَى الطَّاعَاتِ مَهْمَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَضَاقَ، وَلْيَذْكُرْ دَائِمًا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)﴾. اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دينِنَا وَتَوَفَّنا وَأَنتَ رَاضٍ عَنَّا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.